في شمال غرب سوريا، حيث تمتد صراعات الحياة اليومية إلى ما هو أبعد من فرص العمل والموارد الأساسية، يظل الحق البسيط في الحصول على مياه الشرب النظيفة حلماً بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، ويمسي توفير المياه ضرورة وأولوية يجب العمل عليها.
أنس زكور، من أهالي حزانو بريف إدلب الشمالي، يواجه هذا التحدي يوميًا. إن الآبار الجوفية الضعيفة ومصادر المياه النظيفة الشحيحة تجعل تأمين المياه النظيفة معركة لا هوادة فيها. يوضح أنس: “أعتمد كلياً على شراء المياه بالصهاريج لكن هذه المياه غير آمنة لأنها تفتقر إلى مواد التعقيم. وفي بعض الأحيان، ننتظر يومين أو أكثر دون ماء بسبب كثرة الطلب”.
قصة أنس هي واحدة من بين آلاف القصص، التي تعكس كل منها النضالات اليومية للناس في المنطقة. إن سعيهم الدؤوب لتحقيق أساسيات الحياة يؤكد الأهمية الحاسمة لتوفير مياه الشرب النظيفة والآمنة.
وإدراكاً لهذه الحاجة الماسة، استجابت “وطن” من خلال المتخصصين لديها في قسم المياه والإصحاح. أطلقت “وطن” بالتعاون مع الجهات المانحة مشروع إنشاء خزان عالي في حزانو. ولا يعد هذا الخزان، الذي تبلغ سعته التخزينية 100 متر مكعب، مجرد حل لتخزين المياه، بل هو حياة جديدة لأحياء البلدة التي تعاني من شح المياه النظيفة.
وأشرفت فرق هندسية متخصصة على المشروع منذ البداية وحتى التوصيل النهائي للخطوط الرئيسية للمدينة. مع اكتمال الخزان، تغيرت الحياة في حزانو. يقول أنس: “الآن، لا أحتاج إلى ترك وظيفتي والذهاب لملء خزان المياه في منزلي باستخدام الصهاريج. فالماء يصل بسلاسة إلى الخزان بعد الانتهاء من هذا المشروع المميز”.
إن الحصول على مياه نظيفة ناهيك عن إيصالها للمنزل هو أمرا شاقا بالنسبة لكثير من سكان الشمال السوري، لكن نجاح مشروع الخزان ببلدة حزانو مع تحسين البنية التحتية لتصل مباشرة للمنزل يمثل بداية جديدة للبلدة وأملًا لباقي المناطق.
ويعكس هذا التحول الكلمات العميقة التي قالها نيلسون مانديلا: “يبدو الأمر دائما مستحيلا حتى يتم تحقيقه”. قصة أنس زكور والمشروع في حزانو يذكراننا أنه بالعمل الجاد، يصبح المستحيل ممكنًا.
لم يكن من الممكن تحقيق الإنجازات في حزانو دون الدعم الثابت من الأفراد والمنظمات السخية. يعتمد نجاح وطن المستمر في العمل الإنساني على تعاون وتفاني الداعمين والمانحين. تلعب كل مساهمة، كبيرة كانت أم صغيرة، دورًا حاسمًا في إحداث تأثير دائم على المتضررين من الأزمات والكوارث.
ونحن ندعو جميع الأفراد والجهات المانحة إلى الانضمام إلينا في هذا المسعى النبيل. معًا، يمكننا تقديم حلول مستدامة تضمن حصول الجميع على الحقوق الأساسية، كمياه الشرب النظيفة. خاصةً أن تمويل قطاع المياه لشمال سوريا في الربع الأول من عام 2024 لم يغط سوى 2% من حاجة المنطقة حسب الأمم المتحدة، مما يعني أن الواقع لا يزال مأساوي لكثير من العائلات، لكن لا يزال الأمل موجود بفضل تبرعاتكم وتمويل المانحين يمكن أن نحول الأمل إلى واقع ويمكن لكل قطرة ماء أن تصل إلى المحتاجين، وكل جهد يتم بذله يمكن أن يحسن حياة الآلاف بشكل كبير. لنكن الشريان الذي يغذي الأمل والحياة، ونساهم معًا في مستقبل مشرق وآمن للجميع.